مـنـتـد ى حي الـرشـــد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مـنـتـد ى يهتم بـأ خـبـا ر الـريـا ضـه والسيا سه والمجتمع والـفـن والصوتيات والمرئيات والشعر والقصة والصوروالمجتمع المكي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 الطبيعة (من كتاب الله جل جلاله للكاتب سعيد حوّى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
كونتا
عــضــو مــا ســـي
عــضــو مــا ســـي



ذكر
عدد المشاركات : 157
العمل والهوايه : الاطلاع و القراءة
السٌّمعَة : 0
نقاط : 17710
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

الطبيعة (من كتاب الله جل جلاله للكاتب سعيد حوّى Empty
مُساهمةموضوع: الطبيعة (من كتاب الله جل جلاله للكاتب سعيد حوّى   الطبيعة (من كتاب الله جل جلاله للكاتب سعيد حوّى Icon_minitimeالأربعاء 23 يونيو 2010, 1:25 pm

]center]2- الطبيعة
بعد ما تبين لك, بما لا يقبل الشك, وجود الخالق الأول, وأنه الكامل المطلق, وأن السؤال عن خالق الكمال المطلق لا يصح, وتبددت أمامك تلك الشبهات, بقيت شبهة من شبهات العصر, وضلالة أخرى من ضلالته, وهي كما سيظهر لك مصطنعة كما تصطنع الأصنام, مخيمة على الأحلام كما تخيم الأوهام, ولكنها بكل أسف, مع اصطناعها هذا وعدم استنادها إلى أساس, نجدها مسيطرة على عقول كثير ممن يدعون الثقافة والمعرفة, وقد انطلت عليهم دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتمحيص. تلك الشبهة هي الطبيعة, إله العصر المزعوم.
حينما تبادر أحد الطبيعين بالقول:
من خلق السماوات والأرض؟ يقول لك: الطبيعة
من خلق النبات والحيوان؟ يقول لك: الطبيعة
من خلق الإنسان؟ يقول لك: الطبيعة
من يدبر جميع هذه الأمور الفلكية, والحيوية والغريزية, وكل بحساب دقيق ونظام لا يحيد, فسيقول لك: الطبيعة.
وهو يتذرع لك بهذا السبب لأنه لا يستطيع أن يقول لك: إنها تحدث بذاتها, أو من تلقاء نفسها, وينكر قانون السببية, فهو أصاب حين أقر بالسببية, وأخطأ حين جهل السبب, وليس شأننا حين البحث في هذا الأمر أن نكتفي بالتسفيه والتشنيع, ولكننا نناقش الأمر من جميع الوجوه, فما كان من حق أقررناه, وما كان من باطل فندناه, والعاقل الذي يصيخ إلى المنطق, والجاهل الذي يتبع هواه, ويقيم على الباطل ولو تبين له الحق.
فما هي الطبيعة؟ وما هي مفاهيمها؟ وما هي حقيقة تأثيرها؟

الطبيعة في اللغة: السجية والخلق. غير أن للطبيعة اليوم في عقول الناس حسب تفاوتهم مفهومين:

المفهوم الأول: إنها عبارة عن الأشياء ذاتها فالجماد والنبات والحيوان, كل هذه الكائنات هي الطبيعة, وهو مفهوم غير دقيق, وحكم غير سديد كما سيتبين لك.

المفهوم الثاني: إنها عبارة عن صفات الأشياء وخصائصها؛ فهذه الصفات: من حرارة وبرودة, ورطوبة ويبوسة, وملاسة وخشونة, وهذه القابليات: من حركة وسكون, ونمو واغتذاء, وتزاوج وتوالد, كل هذه الصفات و القابليات هي الطبيعة.
وسواء أكان القول الأول أو القول الثاني هو المعبر عن الطبيعة بحق, فما نصيب هذا القول من الحق؟

أما القول الحق: فلا يخرج بالطبيعة بالنسبة لخلق الوجود عن تفسير الماء بالماء, فالأرض خلقت الأرض, والسماء خلقت السماء, والأصناف صنفت نفسها, والأشياء أوجدت ذاتها, فهي الحادث والمحدث, وهي المخلوق والخالق في الوقت ذاته, وبطلان هذا القول بين, فهو إما إدعاء بأن الشيء وجد بذاته عن غير سبب وقد تبين لك فساده بقانون السببية وإما إدماج الخالق والمخلوق في كائن واحد, فالسبب عين المسبب وهو مستحيل؛ بل هو من التهافت والتناقض بحيث لا يحتاج إلى الوقوف والشرح.

وأما القول الثاني: وهو الاعتماد على قابليات الأشياء وخصائصها في التكوين, فنقول فيه: الحقيقة إن الذي يعزون الخلق إلى تلك القابليات والخصائص, لا يعدون عن كونهم وصافين لتلك الظواهر، لا يعرفون كنهها, ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن حقيقتها, ولو فعلوا ذلك لوجدوا أن القابلية التي اعتمدوا عليها في خلق الشيء سراب خادع يحسبه الظمآن ماء, حتى إذا جاء إليه لم يجده شيئا, ولإيضاح ذلك بالطريق العلمي نضرب المثال التالي:
نضع حبة في التراب, ونسقيها بالماء فتنتفخ, وتنفلق, فيظهر منها الرشيم, ويندفع منه الجذر إلى الأسفل, والساق إلى الأعلى, وتنشأ الأوراق فالأزهار فالثمار, وتكون الحبة قد أنتجت تفاحة مثلا.

فالقابلية التي كانت في الحبة هي الانتفاخ ثم الانفلاق ثم ظهور الرشيم. ولولا هذه القابليات المتوالية لما اطردت تلك الظواهر الحيوية, ولما نشأت عنها الثمرة. فلنأت إلى هذه القابلية بالذات نبحث عن حقيقتها: لو لم تنتفخ الحبة وتنفلق لما نشأ شيء. فمن الذي نفخها وفلقها؟ لو كان للحبة عقل وتدبير لقلنا: إن عقلها هو الذي هيا لها ذلك, ولو أن الماء هو الذي نفخها وفلقها, لأمكن للماء أن ينفخ في الحديد ويفلقه, إذن فلا بد من مؤثر وقبول لتأثير ذلك المؤثر, وإذا كانت الحبة بذاتها جدلا انتفخت وانفلقت, فلماذا لم تجمد وتضمر بدلا من أن تنتفخ وتنمو؟ ولكي يحصل التكاثر والبقاء, يحتاج الأمر إلى عقل وإدراك, ومنهاج مرسوم من قبل تلك البذرة, والبذرة لا تملك شيئا من ذلك! فكيف حصلت إذن ثمرة بعينها, بل كيف حصلت ثمار كثيرة متنوعة, وكيف كمنت الغاية المعينة والصفات المقصودة في صميم كل بذرة منها؟
والحقيقة أن من أنعم النظر في تعبير الطبيعين المستندين إلى القابلية: طبع النبات على ذلك, انتفخت الحبة, وانفلقت, وتوالدت الخلايا, تميل الخلية الحية إلى الانقسام؛ يجد أنها جميعها أفعال مبنية للمجهول لجهل الفاعل الحقيقي, فكأن الطبيعي أغمض العين عن السبب الحقيقي, وبنى الفعل للمجهول تخلصا. فمن الذي نفخ الحبة؟ ومن الذي فلقها؟ ومن الذي أدى إلى التوالد؟ ومن الذي جبل الخلية على الانقسام؟ كل هذا التحقيق لا تصل إليه نظرة الطبيعين القصيرة بل المقتصرة على وصف الظواهر, دون الذهاب إلى أسبابها, بل المخطئة في جعل الصفة المنفعلة سببا فاعلا, والقابلية مؤثرا, والظاهرة المجهولة عاملا مكون, فالانتفاخ صفة, نشأت عن المؤثر الخارج عن الشيء, وعن قبول أثره في ذلك الشيء. والانفلاق صفة, والامتداد صفة.

وما زاد الطبيعي على أن جعل من مجموع هذه الصفات مفهوما مركبا, سماه قابلية التوالد والنمو. فجعل من القابلية التي هي عرض من أعراض الشيء سببا في الخلق, ومن الصفة الانفعالية التي لا تعي ولا تدرك, سببا فاعلا واعيا في تكوين الأشياء! إذن فمن الذي ركز الطبيعة في العناصر؟ ومن الذي نوع تلك الطبائع؟ إن بذرة الأجاص, وبذرة المشمش, حين توضعان في التراب تنتج كل واحدة منهما ثمرا يختلف عن الآخر, بلونه وطعمه, ورائحته, مع أنه يسقى بماء واحد, ومع اتفاقنا على أنه ليس للبذرة عقل, ولا لجذر الشجرة إدراك, فكيف كان الجذر يمتص الماء, ويصطفي ذرات بعينها, وينضح النسغ ويسوقه إلى الثمر, ويكون العصارة, وينشئ الحلاوة؟! كل ذلك يجعلنا نسأل عن السبب, ولا نقف عند المجهول, ولا نكتفي بوصف الظواهر, بل لا نصف هذه الظواهر خطأ بأنها أسباب الخلق الحقيقية, ونحن نعلم أن القابلية ليست إلا صفة من صفات الشيء فكيف تختلقه؟ وأن الحبة بالنسبة للنبات جماد لا يعقل؛ فكيف تنوعه؟ وإذا لاحظت أننا مجبرون بحكم هذه النظرة إلى طبائع الأشياء, أن نسأل عن حقيقة تلك الطبيعة, وعمن طبع الأشياء عليها, وكيف تؤثر؟ وهل تبدع أم تصنف وتركب, وهل هي فاعلة بذاتها, أم منفعلة لغيرها؟ أدركت أن الطبيعين قد نقلونا من مجهول واحد إلى مجاهيل كثيرة, ومن الأصل الحاسم إلى الفروع التي لا تحسم الأمر, فبينما كنا نسأل عن خالق الحبة وفالق النواة, انتقلنا بتلك النظرة القصيرة المتجاهلة إلى صفات انفعالية ليس لها من القدرة على الخلق نصيب, ولولا قصر النظر عند الطبيعيين على هذه الأسباب الغريبة المحيرة دون مبرر؛ لوجدنا الجواب شافيا منطقيا منسجما مع ما تقدم من التحقيق العلمي في الآية الكريمة التالية: "إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ" الأنعام : 95 وبذلك ترجع الأسباب كلها إلى الخالق الأول وتعرف المجاهيل, ويحسم الأمر.

ولكي نزيد الأمر وضوحا , نضرب لذلك مثلا. محرك السيارة, فإن تحرك أجزاء المحرك, واحتراق البنزين, والقوة الدافعة في محصول الانفجار, كل تلك الخصائص قابليات وطبائع, فهل تجد أن القابلية غير ذات الشيء, وأنها إن كانت سببا في اندفاع الظواهر, وبروز المظاهر, فهو في حدود التركيب والتصنيف, لا في حدود الخلق والإبداع, وهي في المراحل الأخيرة, لا في المرحلة الأولى من خلق الوجود, ولذلك إذا أراد الطبيعي الخروج من هذا المأزق, وأقر معنا من أن هذه الطبائع أسباب فرعية في مجال التكاثر والتنويع, ولا تعدو في حقيقتها نوعية تساند الأسباب التي تكلمنا عنها في مبدأ السببية. قلنا له: رجعت إذن إلى الأصل الذي بحثنا عنه من قبل وأثبتناه, ولم تستطع أن تجد ضمن الكائنات من طبائعها ما يصح أن يكون سببا لإخراج الوجود من العدم. وإذا أردت أن تعرف العلة النفسية في تكوين هذا الإله الزائف الطبيعة لدى بعض الناس, وجدتها في السلسلة التالية.

عاين الإنسان صفة الشيء, فأضاف الصفات بعضها إلى بعض, وكون من مجموع الصفات مفهوما, وسمى المفهوم قابلية أو طبيعة, ومالت النفس إلى الراحة والاختصار فجعلت من تلك الطبيعة في خيالها ذاتا مستقلة فعالة, وأسلم لها خاضعا, من بعد أن صنعه بيده كما يفعل عابد الوثن, يصنعها ثم يتخيل أن له النفع والضر, ثم يعبده.

وما أشد التشابه بين من كان يعبد الأصنام من قبل ويجادل عنها, ومن يعبد الطبيعة اليوم ويجادل عنها, فالعلة النفسية واحدة, ونوعية الخطأ واحدة, ألا وهي الاصطناع في أول الأمر, وتوهم الاستقلال والتأثير في آخره, وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الخدعة في آيات كريمة منها:
"مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ" يوسف : 40
"قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ* قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ" الأعراف : 70-71
فانظر من أي ناحية ضل البشر من قبل, ومن أي ناحية يضلون اليوم, والقضية ليست إلا أسماء يسمونها في البداية, ثم يجادلون كحقيقة واقعة في النهاية.

وخلاصة القول في الطبيعة: أنها إما قول بأن الأشياء حدثت بذاتها؛ وهو قول ساقط من كل اعتبار.
وإما قول بأن الصفات تختلق الذات, وهو أشد تداعيا وسقوطا من القول الأول؛ لأنه إذا عجزت ذات الشيء عن خلقه, فكيف تستطيعه الصفات؟ وإما اعتبار للقابلية على أنها سبب متأخر كبقية الأسباب, فتفتقر إلى السبب الأول وهو الذي نقول به.
إذن ففي الأحوال الثلاثة لا بد من الرجوع إلى الخالق الأول, وتأتي الطبيعة متأخرة منفعلة له مفتقرة إليه.
وهكذا تجد أن الطبيعة – إله العصر المزعوم – لم تثبت أمام النقد المنطقي والشرح العلمي, وليست بالنسبة للموجودات سوى صفاتها وقابليتها وقوانينها التي تجري عليها, وأن طبائع الأشياء لا تخلقها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الطبيعة (من كتاب الله جل جلاله للكاتب سعيد حوّى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مـنـتـد ى حي الـرشـــد :: المنتدى العام :: البوابه الاســلا ميه-
انتقل الى: